الأرقام المعلنة في اليوم العالمي للإيـدز لهذا العام الموافق 1 ديسمبر 2013م أوضحت مدى التقدم الحاصل في مواجهة هذا الوباء الذي أرعب البشرية لأكثر من 30 عاما وفتك بما يزيد على 36 مليون شخص. قبل استعراض هذه الأرقام لا بد من التأكيد على أن الإيـدز لايزال من أكبر الأوبئة التي مازالت تهدد الصحة العامة في كثير من الدول بصورة أساسية. مع ذلك فقد تحقـق الكثير من التقدم في مواجهته. انخفض عدد الإصابات في العالم مابين 2001م و 2011م بنسبة 20%. وانخفض عدد الوفيات من 2,3 مليون في عام 2005م إلى 1,5 مليون في عام 2012م .. ويقدر عدد الوفيات التي تم تجنبها بواسطة العلاج في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل في هذه الفترة بحوالى 4,2 مليون وفاة. وانخفض عدد الإصابات بالعدوى بين الأطفال في هذه الدول من 550 ألف حالة في عام 2002م إلى أقل من 300 ألف حالة في 2012م.. كما يقدر عدد الأطفال الذين تمت حمايتهم بواسطة العلاج من الإصابة بالعدوى بـ 800 ألف طفل. وتقدر نسبة الانخفاض في الوفيات في دول شرق وجنوب أفريقيا وهي الدول الأكثر معاناة من الإيـدز بـ 38%. تعزى هذه النجاحات الباهرة أمام الإيـدز بشكل كبير إلى توفير العلاج بمضادات فيروس HIV .. عدد الأشخاص الذين تـم علاجهم في الدول المنخفضة أو المتوسطة الدخل ازداد في عام 2012م ليصبح 9,7 مليون شخص ويتوقع أن يصل إلى 15 مليون في 2015م بعد أن كان لا يتجاوز 300 ألف شخص فقط في عام 2002م .. أكـثر من 900 ألف من الأمهات الحوامل تلقين العلاج في عام 2012م ومن المتوقع أن يصل العلاج إلى 90 % منهن في 2015م. ومع العلاج ارتفع العمر المتوقع للمرضى المصابين بالإيـدز ليقارب العمر المتوقع لغير المصابين. الوسائل الوقائية أيضا لها دورها في خفض الإصابة بالعدوى وتشمل تجنب الاتصال الجنسي غير الآمن واستعمال الواقيات الذكرية والمهبلية ، وتجنب استعمال الحقن الملوثة بالنسبة لمدمني المخدرات الوريدية. ويتم الحث على الختان في الذكور كوسيلة وقائية جديدة ثبتت فعاليتها. المشورة والفحص الطوعي على نطاق واسع يشكلان أساس اكتشاف حالات الإصابة. وتنص توصيات منظمة الصحة العالمية على ضرورة أن يكون الفحص طوعيا وأن يتم معه تقديم المشورة اللازمة وأن تبقى نتائج الفحص سرية، وأن يتم ربط الفحص بتقديم الرعاية والعلاج. لاتزال هناك الحاجة لعمل الكثير قبل أن تتم السيطرة على المرض بشكل كاف. لذا يستمر معلنا شعار «الوصول إلى الصفر» ، ويقصد به : صفر إصابات جديدة بالإيـدز، صفر وفيات بالإيـدز ، وصفر إجراءات وصم ضد مرضى الإيـدز. من النجاحات الأخرى في العام الماضي ظهـور عدة تقاريـر تبين إمكانية حدوث شفاء تام لبعض المصابين بالإيـدز وهذا يعني اختفاء فيروس الإيـدز منهم رغم وقف العلاج ، وهو تطور كبير وإن كان لازال في بدايته. في بلادنا كان خبر تفادي إصابة الطفلة رهام الحكمي بالعدوى رغم نقل دم ملوث بالإيـدز لها من الأخبار المبهجة، وقد خضعت رهام للعلاج بمضادات الفيروس لعدة أشهـر إلى أن ثبت بفضل الله اختفاء الفيروس وعدم تكاثره في جسمها .. بالنسبة للوضع الإجمالي للإيـدز في المملكة أعلنت وزارة الصحة عن حدوث 1233 حالة إيـدز في عام 2012م منها 431 بين السعوديين و802 بين الوافدين. هذه الأرقام تدل على أن وضع الوباء عندنا يراوح مكانه رغم ما تصرفه الدولة من مبالغ كبيرة على الفحوصات وتوفير العلاج للمواطنين، كما يدل على أن نسبة التقدم لدينا أقل منها في دول ذات إمكانيات أقل منا بكثير، مما يشير إلى أن استراتيجية مكافحة المرض عندنا تحتاج إلى مراجعة شاملة. للأسف وزارة الصحة لا تلتزم بتوصيات منظمة الصحة العالمية التي تـم ذكرها أعلاه بل تعتمد على أسلوب الفحص الإجباري قبل الزواج وفحص العمالة الوافدة مع ترحيل الحالات المصابة منها. هذا الأسلوب يتطلب تسجيل هوية المريض مما يثـير مخاوف الخاضعين للفحص من الوصم أو الترحيل وينتج عنه تجنب كثير من المعرضين للعدوى للفحوص اللازمة للكشف المبكر عن إصابتهم وعلاجهم. فوق ذلك فإن العلاج لايـزال غير متاح للوافدين الذين قد لا تتضح إصابتهم لفترات طويلة يشكلون فيها مصدرا للعدوى لغيرهم.
ختاما.. لا شك في أن النجاح العالمي في مواجهة وباء الإيـدز يعتبر من أعظم الإنجازات في تاريخ الطب، وحبذا لو تستفيد كل الدول من طرق المكافحة التي ثبتت فعاليتها لتفادي أية إصابات جديدة أو مضاعفات جسدية أو نفسية لهذا المرض الخطير.
ختاما.. لا شك في أن النجاح العالمي في مواجهة وباء الإيـدز يعتبر من أعظم الإنجازات في تاريخ الطب، وحبذا لو تستفيد كل الدول من طرق المكافحة التي ثبتت فعاليتها لتفادي أية إصابات جديدة أو مضاعفات جسدية أو نفسية لهذا المرض الخطير.